25 - 06 - 2024

تباريح | الجماعة والوطن

تباريح | الجماعة والوطن

(أرشيف المشهد)

18-7-2013 | 00:45

نال الفريق السيسي أذى كثير ، دون أن يفكر أحد في عواقب ماكان يمكن أن يحدث لو لم يتدخل ويستجيب للطوفان البشري الذي خرج في 30 يونيو .. تصرف الرجل على حد تقديري بوازع من ضميره ووازع من وطنيته ، لئلا يسري الدم في شوارع مصر أنهارا .

فهناك حشود غاضبة لغالبية من المصريين لاتخفى على عين بصير ، وجماعة لها أنصارها تعض على الحكم بالنواجذ ، وأعماها غرور القوة عن أن ترى حجم الغضب ، وتستمع لصوت العقل ، جماعة تخرج عن حدود الوطنية ، فتصور لأعضائها ومناصريها مايحدث على أنه صراع حق في وجه باطل ، وأنها إن انهزمت لن يعبد الله في هذه الأرض بعد اليوم .

السياسة مكسب وخسارة ، ومن خسر اليوم يكسب غدا ، لكنها ليست من أدوات هذا التنظيم الذي تعود أن يجعل الدين أداته الوحيدة وتجارته المفضلة . نحن أمام وضع أشبه بمن يخرق سفينة معتمدا على قارب نجاة ، سيحميه من الغرق (مع أهله وعشيرته) أما أهل الوطن فلا بأس أن يغرقوا جميعا .

مشكلة الدولة والجماعة ، ثنائية غريبة في فكر جماعة الإخوان وأنصارها ، فعدم الاتساق بينهما يحولها مع الأيام إلى "جماعة منبوذة" خارجة عن السياسة وخارجة عن الوطنية التي كانت وستظل أسمى ماتملك مصر.

هل كان مطلوبا من السيسي وقيادات الجيش أن يستجيبوا لأوامر بسحق ملايين المصريين الذين خرجوا ، بعد أن أحسوا أن ثورتهم سلبت ووطنهم تم السطو عليه لصالح فئة صغيرة ، منذ متى وجه الجيش المصري فوهات مدافعه باتجاه شعبه؟

هل كان مطلوبا من السيسي وقيادات الجيش أن يلتزموا بثكناتهم ليتركوا أفراد جماعة الإخوان وتابعيها يهاجمون المتظاهرين ، ويحولون تهديدات قادتها ضدهم إلى واقع ، فترتمي الأحلام جثثا في الطريق ، وتتحول الوطنية إلى حبل مشنقة للوطنيين ؟.

ما الفرق إذن بين نظام مبارك الذي استخدم آلته الأمنية في مواجهة متظاهري 25 يناير ونظام مرسي الذي كان يعد "ميليشياته" لمواجهة متظاهري 30 يونيو.. وما الفرق بين الجيش بقائديه طنطاوي وعنان آنذاك والجيش بقائديه عبد الفتاح السيسي وصدقي صبحي؟

الجيش في الحالتين تصرف بوازع من الوطنية في أعلى درجاتها ، فلم يكن فيهما سيفا لحاكم يدعي الشرعية (في مواجهة صاحب الشرعية الأصلي وهو الشعب) ، فنال تقديرا وعرفانا من قادة الجماعة في 25 يناير ، ونال سخطا وتشويها وسفاهات لا تعد ولا تحصى في 30 يونيو .

أعرف أن من يتصرف بوازع من الوطنية وحدها لا يهمه من يتطاول أو يسلط سفهاءه ، فمن يفعل ذلك يدرك في قرارة نفسه أن الرجل أنقذ سفينة مصر من غرق حتمي .. هذا إن كانوا يفكرون بعقل وضمير .. لكن العقل عقل الجماعة والضمير ضميرها ، ولا يضيرهم كثيرا أن تذهب إلى الجحيم .. فليذهبوا هم ولتبق مصر .

[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان